أخبار العالمألعابتقنيةسياحة و سفرصحة و جمالمنوعات
أخر الأخبار

الارتقاء بالتقنيين العرب إلى الأعلى..

قال الله تعالى :
{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}

حوسبة: مع انفتاح وسائل التواصل وازدياد عدد المستخدمين العرب، ازداد عدد التقنيين الذين يمتلكون قنوات يوتيوب أو مواقع إنترنت عربية تشرح مختلف التخصصات التقنية لهؤلاء القرّاء كذلك.قنوات عن ويندوز، قنوات عن لينكس، قنوات عن مايكروسوفت أوفيس، مواقع عن البرمجة، مواقع عن التصميم، مواقع عن تحسين محركات البحث والـSEO… إلخ.هذا أمرٌ جميل، واختلاف مستوى الناس في العلم والمعرفة يحتّم طبعًا أن يظل هناك قنوات متخصصة بالمبتدئين لتشرح الأساسيات وتبسّطها لهم.لكن المشكلة في المشهد التقني العربي هي أن التقنيين العرب يظلون متمسكين بهذه المنطقة، ولا ينتقلون للمنطقة التي بعدها.إنهم لا يحاولون الارتقاء بجمهورهم إلى مستوى أعلى في التقنية والخدمات والبرمجيّات وطرق التعامل معها، ولا يحاولون دفعهم لتعلّم أنواعٍ جديدة من الحوسبة، بل يكتفون فقط بالشروحات والأمور الأساسية البسيطة التي تجلب لهم أكثر المشاهدات وأكبر الأرباح.أسباب هذا من وجهة نظرهم قد تكون عديدة:عدد المهتمين بالمواضيع المتخصصة والمتقدمة من العرب قليل بسبب ضعف البنية التحتية التقنية في الدول العربية وقلة اهتمام الحكومات تاريخيًا بهذا المجال، مما ينعكس على أغلب العرب ببساطة أنهم أيضًا لا يهتمون بتلك المواضيع.هجرة العقول إلى الخارج تجعل المهاجرين يبدعون ويساهمون في البلدان التي هاجروا إليها وباللغات التي يتحدثونها، ولا يساهمون بخبراتهم التخصصية بلغتهم الأم.هناك مشاكل فيما يتعلق بالعثور على المحتوى العربي التقني؛ المحتوى العربي على الإنترنت مليء بالسبام وجوجل لا تحاربه كما تحارب السبام في اللغات الأخرى (أنظر إلى موقع موضوع ومن على شاكلته)، وبالتالي ستجد منافسين لا علاقة لهم بالمجال ينافسونك في الوصول إلى الزوّار فقط لجلبهم إليهم دون أن يكون لديهم أي محتوى رسالي.هذا يعني أنه عليك التسويق لهذا المحتوى التقني المتقدم بنفسك وهذه صعوبة أخرى.بسبب ما سبق فإن المستخدم العربي المهتم بهذه المواضيع سيجد صعوبة هو الآخر في العثور عليها، لأنها لا تظهر له بسهولة على جوجل ويوتيوب، وبالتالي، يلجأ للبحث باللغة الإنجليزية أو اللغات الأجنبية الأخرى بدلًا من البحث بالعربية… وهكذا نعود إلى مشكلة الدجاجة والبيضة.بما أن عدد المهتمين أقل من المحتوى العام أو “المبهر”، فإن صانع المحتوى سيعمل بالطبع على هذا النوع من المحتوى أكثر من المحتوى التقني المتخصص والمتقدم لضمان الاستمرارية.مشكلة تعريب العلوم موجودة عند بعضهم؛ هم لا يعرفون كيف يشرحون المواضيع المتقدمة للعرب باللغة العربية، وإذا نظرتَ إلى شروحاتهم وجدت نصفها مليئة بالمصطلحات الإنجليزية رغم وجود بدائل عربية معروفة لها.النتيجة لما سبق هو أن الويب العربي شحيح في المواضيع المتقدمة والمواضيع التي تحوّل المشاهد من مجرّد مهتم أو متسلٍ بالمحتوى إلى صانع تقنية أو مطوّر، وهو ما يدفع بكامل المشهد العربي التقني إلى الخمول.مواضيع مثل: الأتمتة، الذكاء الاصطناعي، الشبكات، أنظمة لينكس واستخدامها وتطويرها وبرمجة توزيعاتها، الحوسبات المختلفة (السحابية، المكانية، الطبية…)، الأمان الرقمي، الاختراق الأخلاقي، الخدمات اللامركزية، البرمجيات مفتوحة المصدر، سلسلة الكتل والعملات الرقمية (من الناحية البرمجية)… إلخ، كل هذه المواضيع لا تكاد تجد فيها محتوىً عربيًا ذا قيمة.لكن إن كنتَ متمرسًا تقنيًا فعليك أن تعلم أنه من واجبنا جميعًا نشر هذا العلم الذي لدينا وعدم الاكتفاء بنشر القشور والأساسيات بما سبق من حجج وهذا لعدة أسباب:من بلغ علمه النصاب وجب عليه الزكاة، وقد تفضّل الله عليك بوهبك هذا العلم الذي تحمله فمن واجبك أن تنشره للناس وتعلّمه، خصوصًا عندما ترى هذا الجهل التقني الرهيب المنتشر بين الناس.قد يكون لبعض المعلومات التي تنشرها أثرٌ مهم في الأحداث الجارية التي تجري حول العالم.

فالمقصود أن لبعض المجالات التقنية هذه تأثيرًا على الدنيا كلها ومجرياتها وليست مجرد معلومات نظرية.لا مانع بالطبع من أن تكثر من نشر الأساسيات والشروحات المناسبة للمبتدئين، لكن لا تجعل هذا يمنعك من نشر ما هو أعلى من ذلك، لأن نشرك لما هو أعلى من ذلك حتى مع ضعف المردود والمشاهدات هو ما سيطوّر المشهد التقني هذا ويحوّل هؤلاء المبتدئين إلى أناس متقدمين في مجالاتهم وقادرين على إحداث تغيير تقني حقيقي في الأمة.أما الشروحات البسيطة والسطحية فهذه لا تؤدي معنى الرسالة.وقد كنّا تحدثنا من قبل عن هذا الموضوع على حسابنا على تلجرام؛ أن الإنسان الغربي يعيش في دول مستقرة اجتماعيًا وسياسيًا منذ زمنٍ طويل، وقدرته الشرائية عالية، وأضف إليها ثقافته الاستهلاكية والليبرالية، فهو حينها لا يمانع تتبع أخبار وإشاعات الشركات مثل تسريبات شكل الآيفون القادم ومميزات الجالكسي الجديد وأخبار أسهم الشركات هل صعدت أم نزلت… كل هذا لا يمانع فيه لأنه غارقٌ بالمجاريات إلى شحتميّ أذنيه.فلا تأتِ أنت يا صانع المحتوى التقني العربي ويا صاحب الموقع العربي، وتترجم نفس الأخبار والمواضيع الموجهة لهؤلاء القوم إلى المستخدم العربي؛ المطحون، والمهاجر، والمشرّد، والذي تركيبته الثقافية والدينية والاجتماعية مختلفة، والذي تتمحوّر اهتماماته واحتياجاته التقنية حول أمورٍ غير هذه أصلًا.إن عملكَ هذا بهذا الشكل لا يغيّر شيئًا من الواقع حقًا مهما جلبتَ من أرباح ومشاهدات. ألا ترى كيف يجلب الراقصون وقليلو الأدب أرباحهم على منصات إباحية مثل تيكتوك؟ جلب المشاهدات لا يعني أنك تغيّر الواقع وتطوّره وتنمّيه بل ببساطة يعني أنك جذبت انتباههم إليك لوهلةٍ من الزمن لا أكثر.ولا تضجر من وجود الكثير من المبتدئين أو الشباب الصغّار أو غير المتخصصين التقنيين حولك بادئ الأمر، هؤلاء هم من سيكبر وينمو لاحقًا ليصبحوا التقنيين الأكفّاء الذين ستراهم في المستقبل.لكنّ هذا لن يحصل طبعًا إن كنّا جميعًا سنظل في منطقة الشروحات التقنية السطحية والأساسيات وما يجذب المشاهدات.يجب أن يكون هناك تضحية؛ وهذه التضحية تكون بنشر هذا المحتوى المفيد القيّم حتى مع قلة الاهتمام وضعف الدعم والمردود.هذا فعلًا ما سيغيّر المشهد التقني ويجعله يتطور إلى الخطوة التالية.أما ما عدا ذلك فسرابٌ وإن ظنّه الناس غير ذلك.

{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى