غير مصنف

الذكاء الاصطناعي وتقليد الصوتي البشري..!!

تتلقى مكالمة عشوائية من أحد أفراد عائلتك، وهو يشرح لك باندفاع شديد كيف تعرّض لحادث سيارة مروّع. ويحتاج منك إرسال مبلغ من النقود في الحال، وإلا سيذهب للسجن. بإمكانك الشعور باليأس في صوته وهو يتوسل إليك لتحويل الأموال فورا. ورغم أن الصوت يبدو بالتأكيد أنه صادر عنه، والمكالمة واردة من رقمه، إلا أنك تشعر بأن هناك خطبا ما.



لذا، قررت أن تغلق المكالمة وتعاود الاتصال به مرة أخرى، وحين يجيبك هذه المرة، يصيبه الاستغراب بأنك تتصل به من الأساس، وأنه لم يغادر منزله ولم يتعرض لأي حادث ولم يتصل بك أصلا. وما تعرضت له سابقا كان مكالمة احتيال باستخدام الذكاء الاصطناعي. بالرغم من أن تهديد عمليات الاحتيال المدعومة بالذكاء الاصطناعي قد يكون مخيفا ومثيرا للقلق، إلا أن بإمكانك حماية نفسك وأحباءك منها عبر اتباع بعض الخطوات البسيطة.
أصعب في الاكتشاف

في مارس/آذار العام الماضي، أشارت صحيفة واشنطن بوست إلى استخدام المحتالين نماذج الذكاء الاصطناعي، المصممة لمحاكاة صوت الإنسان، في تقليد أصوات الأقارب والأصدقاء لعدد من الأشخاص، وطلب المساعدة منهم، ومن ثَم الاحتيال عليهم وسرقة آلاف الدولارات. وتتطلب بعض برمجيات توليد الصوت بالذكاء الاصطناعي بضع جمل فقط بصوت الشخص لتتمكن من إنتاج حوار مقنع ينقل الصوت وحتى النبرة العاطفية التي تميز طريقة المتحدث، بينما تحتاج بعض النماذج الأخرى إلى 3 ثوانٍ فقط من صوته. وبالنسبة للضحايا المستهدفين، وهم غالبا من كبار السن، يصعب اكتشاف ما إذا كان الصوت حقيقيا أو اصطناعيا، حتى عندما يبدو الظرف الطارئ الذي يصفه المحتال بعيدا عن المنطق القابل للتصديق.

ومع تطور قدرات أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي بصورة أكبر الآن، أصبح من الأسهل والأرخص على المحتالين إنتاج أصوات مزيفة ولكنها مقنعة للأشخاص، حتى أن أحدث النماذج يمكنها التحدث بعدة لغات. كما أعلنت “أوبن إيه آي” مؤخرا عن نموذج جديد لتحويل النص إلى كلام يمكنه تطوير عملية استنساخ الأصوات وإتاحتها على نطاق أوسع.

ولا يقتصر الأمر على “أوبن إيه آي” فقط، فالعديد من الشركات الناشئة تعمل على محاكاة الكلام البشري الذي يبدو أقرب إلى صوت الإنسان، كما أن التقدم الذي تحقق مؤخرا سريع للغاية. ومثل العديد من جوانب الذكاء الاصطناعي التوليدي على مدار العام الماضي، أصبحت الآن تقنيات الذكاء الاصطناعي الصوتية أكثر إقناعا في تقليد الأصوات الحقيقية، وهذا يعني أن أي إستراتيجيات للسلامة والأمان -تعتمد على اكتشافك للمراوغات أو الأمور الغريبة على الهاتف بالاعتماد على السمع فقط- قد عفا عليها الزمن.

أساليب مختلفة

ستحتاج هنا إلى التفكير بهدوء والاعتماد على أساليب أخرى لاكتشاف عملية الاحتيال، فمثلا تصرف بسيط كإغلاق المكالمة ثم معاودة الاتصال بالرقم قد يساعدك في اكتشاف الأمر قبل أن يبدأ. فالمحتال هنا يعتمد على أساليب الهندسة الاجتماعية، وهي محاولات خداع واحتيال تأتي بالتأثير على الشخص ووضعه في موقف لا يمنحه الوقت الكافي للتفكير. وهنا سيكون بعض الهدوء والتفكير المنطقي منقذا لك بالتأكيد.

كما أن إحدى النصائح الأمنية المعروفة، التي اقترحها عدد من الخبراء، هي اختيار كلمة أمان سرية تسأل عنها من يتصل بك عبر الهاتف، وهي كلمة تتفق عليها مع أفراد عائلتك المقربين مسبقا. أو حتى يمكنك أن تسأل المتصل سؤالا شخصيا لا يعرف إجابته سواه، ويمكن أن يكون السؤال بسيطا مثل: ماذا كانت وجبة العشاء أمس، أو ما الذي كنت ترتديه عندما غادرت المنزل؟
نموذج أمان انعدام الثقة

في هذا النوع من المكالمات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، يستطيع المحتال المتمرس أن يكسب ثقتك ويخلف شعورا بالضغط العاطفي ويجد نقاط ضعفك، فكما ذكرنا يعتمد على تقنيات الاحتيال المرتبطة بالهندسة الاجتماعية، وهو يفهم غالبا السلوك البشري ويتوقع تصرف الشخص في مثل هذه المواقف الصعبة.

ولذا عليك دائما أن تتذكر أمرا مهما وهو الواجب في توخى الحذر في كل تعاملاتنا حاليا، إذا أثارت رسالة ما أو مكالمة هاتفية أي ذرة شك لديك، فيجب أن تبدأ في تشغيل التفكير المنطقي، وألا تنجرف وراء المشاعر سريعا، ناهيك طبعا بتقديم أي معلومات شخصية أو سرية أو إرسال أموال لأي شخص يتواصل معك، مهما ادّعى ومهما كانت صفته.

وهذا النهج يُعرف باسم “نموذج أمان انعدام الثقة” (Zero trust security model) وكما يشير اسمه فإنه يعني ألا نفترض الثقة في أي شيء أو أي شخص، وأن نتحقق ونتأكد من موثوقية كل جهاز أو مستخدم أو خدمة أو أي شيء آخر قبل منحه حق الوصول إلى بياناتنا، بل يجب إعادة التحقق من تلك الموثوقية بصورة متكررة للتأكد من عدم تعرض أيٍّ من تلك الأشياء للاختراق أثناء الاستخدام.

وهو ما يمكن تطبيقه على هذا النوع من المكالمات، فعلينا التأكد دائما من مصدر أي شيء يصل إلينا، وأن نفكر قليلا بمنطقية الأمور، لأنه كما عرفنا يعتمد المحتال على عدم تفكير الضحية في قراره، لهذا سنجد أن قليلا من التفكير المنطقي سيقتل الأمر في مهده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى